بعدما كناُ وصِرنا
أنا...
منذ أزمنة بعيدة كالفرح
كُنتُ ثورًا هائجًا
أدقّ الأرض
فتهوي قلوب كثيرة من أقفاصها
وقبعات مُزيّنة لا تعدّ
تسقط من علوّ الهامات
نعم يا سيدتي
أنا كنتُ كل هذا
وأكثر...
وماذا كنتِ أنت؟
ظبيةً وجلةً كنتِ
ظبيةً تشرب مياه الضحضاح
مشرئبةً بعنقٍ رقيقٍ
كضلوع الأضاليا
أنا بالأمسِ كنت السيّد "Pan"
أغدر رجال القبيلة
دون وازعٍٍ،
ألهث فوق نسائها
دون رأفةٍ
وأطعن من يعترض سبيلي
بقرنين معقوفين كسيوف يمانيّة
نعم آنستي
أنا كنت كل هذا
وأكثر...
وماذا كنتِِ أنتِ؟
كنتِ وردة خبّيزةٍ
متوردة الخدّين خجولة
طحلبةً
ترتعش من مياه نبعها الرقراق،
حجرًا ناعمًا
يخدشه طلّ الغسق
واليوم...
وقد أمسيتُ ورقة يابسةً
تكنسها رياح الخريف،
ذبيحة جامدةً
على خطّافةٍ في غرفة تبريد
اليوم وقد غدوتُ مُلقِّنا
في مسرحٍ لا يحضره أحد
مُلقِّنا نسي أسطره
نعم...
حين أمسيت كل هذا
وأكثر...
ماذا صِرتِ أنتِ؟
صرتِ عشتارَ تنضح غُنجًا
حسناء تتمايلُ صلفًاً على ضفاف نهر العشق
قنبلة شبقٍ صرتِ
تهدد الدنيا بانفجار مريع
لكِ سيدتي أن تصيري ما تشائين
أن تتناثري مليار وردة
أن تتحلّلي رحيقًا
تحمله ريح المساء
لكن...
قبل أن تصيري كلّ هذا
وأكثر...
أعطني وردةً حمراء
كدم القرابين،
كسيرة ومحدودبةً
كظلّي،
لعلي أشمّها
دون أن أتكلف رفع رأسي
وأنا أذهب محمولاً
في سبيلي الأخير