Log in Register

Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

Create an account

Fields marked with an asterisk (*) are required.
Name *
Username *
Password *
Verify password *
Email *
Verify email *

"إلليبدويصيريصير"

قد يبدو للوهلة الأولى أن الحكمة الشعبية "إللي بدو يصير يصير" هي اقتباسوتعميم (بمعنى النقل إلى العامية)، ولا أقول التبسيطً أو التحريفً، لجملة خطيب العرب،قس بن ساعدة الإيادي:"كل ما هو آت آت". لكن نظرة متأنية سرعان ما تظهر أن هنالك فرقًا جوهرًا بين إيحاءات الجملتين. الغالب أنقس قصد شيئًا مثل "ما هو قادم، أو في مرحلة التكون، فإنه لا محالة من أن يصل إلى غايته، وأن يتمم تكونه إلى المدى الذي كان من المفروض أن يصل أليه هذا التكون". قول قس بن ساعدة في عكاظوهو يخطب خطبته الشهيرة متكئًا على عكازه، توحي بأن قائلها قابل، ولا أقول راض أو قانع، بفحواها. أي أنه لن يفعل، ولا حتى فعلاً واحدًا، لمنع ما هو حاصل. مثل هذا القبول كفيل بأن يؤثر على وجدان صاحبه وعلى مشاعره وبأن يسيرها نحو حالة تتميز بنظرة موضوعية للأمور وبهدوء نسبي للشعور. أما "إللي بدو يصير يصير"، فمع أنها قد تُقال أحيانًا بالمعنى ألسابق، إلا أنها عادة ما يحمِّلها قائلها إيحاءات أخرى. قد تُقال بنبرة غضب تعني التحدي وأن قائلها لن يهاب ما سوف يحدث،وقدتُقالبنبرة استسلام وقنوط الذي لا حول له.

ما الذي حول مقولة عقلانية ورشيدة، تدفع بسامعها إلى التأمل الفلسفي في أحد قوانين الكون الأساسية، إلى جملة مُتضمِخة بالغضب أو بالاستسلام؟هل مفتاح الجواب في الفرق الحضاري،في الزمان والمكان اللذان عاش فيهما قس، بين ثقافته المسيحية وبين الثقافة العربية في بداية اعتناق عرب البادية للإسلام وبدء تأثيره الحضاري على الثقافة التي كانت سائدة قبله (والتي لا أعتقد أن التسمية "جاهلية" تليق بها)؟أم أنه نتيجة لمميزات التطورات الاجتماعية التي مر بها العرب من ذلك الزمان وذلك المكان إلى زمانهم المعاصر وأمكنتهم الحالية؟.

You have no rights to post comments