Log in Register

Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

Create an account

Fields marked with an asterisk (*) are required.
Name *
Username *
Password *
Verify password *
Email *
Verify email *

 

رمزي سليمان

يوم مشمس في أمستردام

يكفي أمستردام يومٌ مشمسٌ واحد لكي تتحول إلى حفلةٍ يشارك فيها العشرات، إن لم يكن المئات من الألوف، خاصةً إن كان اليوم أحد أيام نهاية الأسبوع المطوّل. زوارق صغيرة وكبيرة تسير الهوينى في "قنال الأسياد" (Heren gracht) وقتال القياصرة  (Keizers gracht) وقنال الأمراء (Princen gracht) أو غيرها من عشرات القنوات الأخرى الرائعة، وفي نهر الأمستيل العريض. تتهادى وعلى متنها ناسٌ كثر، يتجاذبون أطراف الحديث ويضحكون ويأكلون ويشربون النبيذ والجعة. عائلات بكاملها على مراكبها وأصدقاء في حفلات ميلاد حقيقية أو مختَلَقة، ومراكب صغيرة كثيرة علي متنها صديقين أو صديقتين أو حبيبين من مختلف الأجناس، ومراكب كبيرة مليئة بالسواح مع كاميراتهم التي تومض في كل الاتجاهات.

وعلى الضفتين أصدقاء وأحباء وعائلات يملئون المقاهي والمطاعم والبارات ويتكومون حولها وقوفاً وفي أياديهم كؤوس الجعة الهولندية الطيبة والنبيذ الطلياني والفرنسي، وعلى المقاعد الخشبية المثبتة أمام القنوات والجسور المقوسة فوقها شباب وشابات وكهول وعجائز يتمتعون بالمناظر ويتحدثون ويضحكون. الكل أساريره منفرجة والزوار من أمثالي يصورون من دون حرج، فالكل متفق على أن ما يقومون به من وهرجٍ ومرجٍ هادئٍ ولطيف، يستحق أن يوّثق في صورةٍ يضعها كهل غريبٌ في كاميرته، ليأخذها لأولاده، أو تلتقطها فتاة يابانية شابة سوداء الشعر، لتريها لأترابها في طوكيو أو كيوتو.

وفي الخلفية أصوات عذبة لمجموعات من الناس تحتفل على قواربها وهي تغني أغانيها المرحة. حفلة ضخمة ورائعة وهادئة ومليئة بالسعادة والرضا، من دون ضوضاء. لا مكبرات صوت تصم الآذان ولا صفارات مزعجة تطلقها سيارات الشرطة.

أغرب ما شاهدته ذات يوم مشمس في أمستردام، كان رجلاً شرقي الملامح، في الخمسينات أو أكثر، بدين الجسم، مفحم الشعر من شدة الصبغة، يتمشى على ضفة القنال وسط هذه الاحتفالية الرائعة. في يسراه سيجارة وفي يمناه قفص صغير يطوحه يمنةً ويسرة، وفي داخله عصفور يقفز وجلا من خشبةٍ إلى أخرى داخل القفص المترنح.

You have no rights to post comments