Log in Register

Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

Create an account

Fields marked with an asterisk (*) are required.
Name *
Username *
Password *
Verify password *
Email *
Verify email *

 

قطّتنا ماتت في شهر آب


الفيروسُ الذي قبَضَ

على قلبِ قطّتنا 'دلال'،

غصبَ روحها

أنْ تغادرَ بيتَنا.

 

بكبرياءٍ لا يستطيعُه البشر،

انسلَّت بيننا بصمتٍ ومضت.

بكبرياءٍ خجول،

على رؤوسِ الأنامل

غادرتْ غرفةَ نومنا

وغادرَتْ بيتَنا

وقيظَ آبٍ

بهوائه المثقل بالغبار.

 

صدرُها ما تهدّجَ

مُستجديًا نفسًا آخر،

وعيناها الجميلتان الضاحكتان

لم تشخُصا

لتتشبَّثا برسمٍ آخر.

 

ها قد مضى أسبوعان

على ذهابها...

وقدماي - وأنا في منامي -

ما زالتا تحيدانِ بحذرٍ

عن المكانِ الذي احتلّته

في طرفِ سريري.

 

أسبوعان مضيا،

منذ غادرَتْ روح ُ قطّتنا

غرفةَ نومنا وقيظَ صيفنا،

منذ غادرت

كلّ مكانٍ وزمانٍ.

ومع هذا...

تكفيني شعرة واحدة

تقفزُ مرتعشةً فوقَ الحاسوب،

وأنا أنقرُ مفاتيحَه،

لكي تتخدَّر أناملي

مُستذكرةً نعومةَ فروتِها الرائعة.

 

ابنتي وامرأتي بكتا بمرارةٍ

لمّا ذهبتْ عنّا

وابني اختنقَ صوتُه

لمّا نعيتُ له خبرَها.

حتى أنا!

أنا الذي ينعتني معارفي

- غيرَ مُخطئين -

ببلادةِ الحِسِّ،

حتّى أنا بكيتُ.

 

جميعُنا بكيناها،

ربّما لأنَّ عقولَنا

تستطيعُ ما لا تستطيعُه هي،

كأنْ ترسمَ ماضيًا ومستقبلاً

من ثلاثةِ أحرفٍ:

فاء وقاف ودال،

تتشابكُ فتحاصرُ وجداننا

بإيقاع حجريٍّ

أنّ ما كانَ...

صارَ، أصبحَ، أمسى، أضحى

فُقِدَ،

فُقِدَ ولن يكون.

 

أو ربّما بكينا جميعًا

لأنّنا ما عُدْنا

نملكُ كبرياءً مثل كبريائها،

كبرياءً ينظرُ في دموعِنا شزرًا

فيحيلُها حبّاتِ ملح.

 

ربّما لهذا

وربّما لذاك،

أو ربّما لأمورٍ لا ندركُها

بكينا.

لكن ثمّةَ أمرٌ مؤكَّد:

لم تُبقِ قطّتنا الحبيبةُ فُسحةً

في حياتِنا

إلا وحشرَتْ أنفَها الجميلَ فيها،

لقد يَسّر لها فضولُها اللامحدود

أنْ تُحيلَ غيابها عنّا

حضورًا دائمًا.

You have no rights to post comments